#آخر الأخبار #أخبار المهرجان

“من المسافة صفر” سينمائيون أشهروا كاميراتهم في وجه الاحتلال

بحضور المخرج الفلسطيني رشيد المشاروي، والمخرجة ليالي بدر، إلى جنب محافظ مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي عبد القادر جريو، وبمناسبة مرور سنة على عملية “طوفان الأقصى”، في السابع من أكتوبر، عرض بقاعة “السعادة”، مشروع “من المسافة صفر” (From Ground Zero) الذي وقعه مجموعة مخرجين وفنانين عالقين داخل قطاع غزة المنكوب، ورووا حكايتهم وعنادهم في مواجهة حصار من الخوف والجوع والعطش والموت”.

مهدي براشد

“من المسافة صفر”، الوجه الآخر من عملة فلسطينية رسم عليه شكل ثان من أشكال المقاومة لا يختلف كثيرا عما رسم في الوجه الأول. فتفجير “ميركافا” من مسافة صفر، لا يختلف عن تصوير أهوال الحرب من مسافة صفر. ومثلما قال محافظ المهرجان عبد القادر جريو، في افتتاح هذا العرض: مخرجو هذه الأفلام خاطروا بأنفسهم وحملوا سلاحهم الكاميرا”، من أجل مقاومة الموت ومقاومة التعتيم المضروب على فلسطين وغزة.

يستهل الجزء الأول من “من مسافة صفر” بفيلم “سيلفي” لريما محمود امرأة من غزة تعيش في النزوح بكل ضنكه ومآسيه في رفح، لكنها تغامر بحياتها وتعود إلى بيتها هناك لجلب بعض اللباس. ولحسن حظها أن بيتها لم يدمر، رغم الخراب الذي طاله، فتأمل أن يبقى كما هو.

“سيلفي” تصوير لمقاومة المرأة التي تقسم يومها بين الكتابة والعمل في مساعدة النساء النازحات، لكنها تسرق لحظة للأنثى التي فيها فتخرج علبة “المكياج” لدرء ما تركه التعب والأرق والحزن على وجهها. “سيلفي” هو تلك المتناقضات التي تعصف برأس هذه المرأة وروحها، تريد أن تطفئ مذياع المحمول لكنها تبقيه مشتعلا لعل خبرا عن قرار وقف إطلاق النار يعيد الأمل. تريد أن تنام قليلا كي ترتاح، تريد أن يطلع النهار كي يذهب الخوف، ولكنها تريد أن يحل الليل كي تنام فتستريح.

و”سيلفي” هو حمل كل هذه الآلام والأحلام في “فلاشة” ورسالة مختومة داخل قارورة، تضيف إليها شيء من رمال شاطئ في غزة وحصاه، وتلقيها في البحر وتستودعها إياه.

“لا توجد إشارة” لمحمد الشريف، قصة رجل يبحث عن شقيقه تحت أنقاض البيت، بينما يواصل طيران الاحتلال قصفه. يحاول عبثا أن يزيح أطنان الركام للوصول إلى أخيه، يطرد شخصا يجمع قطع الحطب من البيت المنهار للتدفئة: “إنه بيتي”، ثم يطلب من ابنة أخيه أن تكلم أباها عبر النقال، فتسمع صوته قبل أن تنقطع الإشارة.

يواصل الطيران قصفه، ورجال الدفاع المدني بعيدون، هل  مات أخوه فيغادر المكان أم يستمر في البحث عن أخيه؟ فيسأل ابنة أخيه: “هل تحسين بأن والدك حي؟” فلا ترد، ويغادر المكان. فإحساس الابنة لا يخطئ.

“عذرا سينما” أحمد حسونة فيلم عن فيلم، جري مزدوج، جري من أجل إنجاز فيلم والمشاركة به في مهرجان لن يشاهده أحد، وجري المراقب للسماء، تارة تطلق حمم قنابلها، وتارة تطلق مظلات المعونة.

“عذرا سينما” الخيار الصعب لمخرج شاب بين أن يلتفت لفيلمه وبين أن يحمي عائلته متنقلا بين منطقة وأخرى بحثا عن الأمن والقوت، حتى وإن كان طحينا اختلط بتراب الركام وبارود المتفجرات، وبحثا عن حطب للتدفئة حتى لو كان “كلابيت” سينما. أي الخيارين اختار؟ “عذرا سينما” إجابة وافية.

أفلام أخرى تضمنها الجزء الأول من  المشروع الذي يمتد على 112 دقيقة، “فلاش باك” لإسلام الزرعي، “الصدى” لمصطفى كليب، “كل شيء بخير” لنضال دعمو،  “بشرة ناعمة” لخميس مشهراوي، “سحر” لبشار البليسي، و”الأستاذ” لتامر نجم، كلها مجتمعة تسرد تفاصيل يختبئ فيها المعنى في إصرار شعب لا يريد أن يكرر مأساة حدثت منذ 76 سنة.

“من المسافة صفر”، الوجه الآخر من عملة فلسطينية رسم عليه شكل ثان من أشكال المقاومة لا يختلف كثيرا عما رسم في الوجه الأول. فتفجير “ميركافا” من مسافة صفر، لا يختلف عن تصوير أهوال الحرب من مسافة صفر.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *