#آخر الأخبار #أخبار المهرجان

محمود حميده.. “الاستثنائي”

يبقى الفنان محمود حميده أحد أبرز نجوم جيله، بتفرده ومنهجه وفكره وأدائه وتاريخه الفني الاستثنائي

 خالد محمود – ناقد مصري

جاءت البدايات الأولى لتبشر بشيء ما من وهج خاص يسكن ذلك الشاب الذى عشق التمثيل، بل والصناعة السينمائية كلها. لم تأخذ منه تلك البدايات وقتا حتى يؤمن به عدد من المخرجين الذين وجدوا فيه ذلك البطل “النموذج” الذى يمكنه تجسيد أحلامهم وأفكارهم على الشاشة، وهم يدركون قيمة الطلة وتميزها، وهوما أدركه أيضا حميده، لذلك بدأ يبني لنفسه مخزونا ثقافيا ومعرفيا وإنسانيا.

لم يكتف حميده بأن يختزن في ذهنه ملامح الشخصيات التي يُقابلها، بل رسمها بقلمه في كراسات كثيرة، يعود إليها بين الحين والآخر، لينهل منها ومن إبداعه الخاص قبل الوقوف أمام الكاميرا. كما حرص على زيادة متابعاته اليومية للأحداث العالمية، والسفر إلى المهرجانات الدولية ومتابعة تجارب الآخرين، يقرأ بكثافة وتنوع، يقرأ في الدين، وفي التاريخ، والأدب، والشعر، والمسرح، والفلسفة، وعلم النفس، والطب. كان يؤمن بأن الممثل يحتاج إلى عقلية هندسية لتصميم بناء الشخصية، فكان يختار تلك الأدوار المؤثرة فيه وفي المتلقى، منذ السنوات الأولى للمشوار الذى بدأه بالمسلسلات التلفزيونية، ومن أشهرها مسلسل “الوصية” الذي أبان عن حضوره الطاغي.

وانطلق حميده إلى عالم السينما، فلفت الأنظار بدوره في فيلم “الإمبراطور” (1990) أمام أحمد زكي، ثم في فيلم “شمس الزناتي” مع عادل امام ، وفيلم “المساطيل” مع المؤلف وحيد حامد والمخرج حسين كمال، و”رغبة متوحشة” (1991)، مما جعل بداياته في الاحتراف مختلفة ووضعته سريعا في مكانة مميزة في السوق السينمائية.

وتوإلى تألق حميده، بعد ذلك، في العديد من الأفلام، مع أهم المخرجين، إذ قدم أدوار البطولة في “فارس المدينة” لمحمد خان (1992)، و”عفاريت الإسفلت”، لأسامه فوزى، و”إنذار بالطاعة” مع عاطف الطيب (1993)، و”حرب الفراولة” لخيري بشارة، و”المهاجر” ليوسف شاهين (1994)، و”قليل من الحب.. كثير من العنف” مع رأفت الميهى (1995) و”المصير” مع يوسف شاهين (1997)، و”الآخر” (1999)، و”بحب السيما” (2004)، و”إسكندرية نيويورك” (2005).

إنها رحلة خاضها حميده بتجارب مختلفة فيها كثر من المغامرة، وأيضا ساهم في إنتاجها مثل “جنة الشياطين” المستوحى من رواية “ميتتان لرجلٍ واحدٍ” للكاتب البرازيلي خورخي أمادو، وأخرجه أسامة فوزي عام 1999، قدم فيه ببراعة فائقة شخصية “طبل” الميت. لا ننسى، حتى اليوم، عمق نظرته الفلسفية المبتسمة، وقد توج الفيلم بالعديد من الجوائز المحلية والدولية، وكذلك “ملك وكتابة” للمخرجة كاملة أبو ذكرى عام 2005 ، وفيه نجح حميده في تجسيد شخصية شديدة التعقيد والإنسانية ممثلة في الدكتور محمود عبد السلام أستاذ التمثيل الذي يعيش ازدواجية الحياة حتى يصل إلى حل شفرة السعادة. وكذلك جسد شخصية الوزير عباس القط، بروح كوميدية خاصة، في فيلم “قط وفأر” (2015)، وأخرى ملهمة باشتباكها مع الزمن بفيلم “فوتوكوبي” لتامر عشري 2017 .

ولايزال حميده من أبرز فناني جيله مشاركةً في الأعمال المختلفة مع الأجيال الجديدة مضيفًا إلى كل منهم بصمته الخاصة ما جعله يحظى بتقدير النقاد والجمهور على حد سواء

 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *