“رصيف بيروت”.. شعرية السينما تسرد عن الفقد
تستعيد المخرجة اللبنانية الكويتية فرح الهاشم، في فيلمها السينمائي الوثائقي “رصيف بيروت” المشارك في مسابقة الفيلم الطويل، وبسرد تسجيلي سينمائي ذاتي مليء بالشجن والحزن، تفاصيل شعرية وتعابير عن الفقد الشخصي تربطها بصديقها المصور اللبناني عصام عبد الله.
محمد عبيدو
عصام استشهد في اعتداء إسرائيلي، في 13 أكتوبر الماضي، بعد أيام من عملية طوفان الاقصى، أثناء تغطيته المواجهات في الجنوب اللبناني، وشكل مقتله بداية لجبهة الحرب الإسرائيلية اللبنانية، في 13 أكتوبر 2023، بعد أن أطلقت إسرائيل صاروًخا أودى بحياته فوًرا. يرسم الفيلم على لوحته معاناة بيروت وعذابات القدس وفلسطين في غيابه.
تقوم فرح في الفيلم بدور الراوية، إلى جانب التصوير والإخراج، وتبدأ فيلمها من أزقة مخيم صبرا وشاتيلا الضيقة، حيث المقاومة وناس فلسطين. ثم تخرج، مع تذكر فقدانها عصام، إلى بيروت على وقع الحرب لتظهر ملامحه المرحة، وملامح فلسطين ولبنان.
تدخل المخرجة أيضاً إلى فضاءات متعددة، تستعيد أماكن اللقاءات مع عصام، في مقاهي بيروت وشارع الحمرا، وفي نيويورك، تلتقي أصدقاء عصام الذين يرونه، بطرقهم الخاصة، على قيد الحياة، يتحدثون عن الحرب، عن عصام، عن آلياتهم البسيطة في المقاومة والنجاة والذاكرة.
انطلقت المخرجة من رسائل صوتية أرسلها عصام لها في موبايلها، وضعتها أمامها وبدأت بناء الفيلم، مرتجلة العمل بكاميرا موبايل. تركت الكاميرا شغالة، ليكون الفيلم مرتجلا بكامله. تمضي إلى صديقه الرسام أحمد السيد، فتسرد له حلما يستعيد عصام، وتشارك أسرته يومياتهم، ومع سردها السينمائي المنسوج بخيوط من الذكريات والحنين ينتهي الفيلم مع صوت قطار يتجه إلى القدس.
تقول فرح: هناك فيلم ثان، أنا لا أقدر أن احمل السلاح، ولكن يمكنني أن أحمل الكاميرا، وأريد أن اعطي نفسا للمقاومة كي تعمل شيئا مهما، ليكون عندنا محتوى للفيلم.
وأضافت فرح: أنا أؤمن أن فسطين تحررت، ونحن نعيش صفحاتها الأخيرة، المقاومة شغالة.. نحن ننام ونأكل ونحضر مهرجانات وهناك مقاومة على الحدود تقاتل، بعيدا عن عملي بالسينما أنا خبيرة بالشؤون الإسرائيلية، وأنجزت حولها دكتوراه، إسرائيل لن تتحمل سنوات من المعركة. تنهار .
وعن تفاصيل عملها بالفيلم تقول فرح: أنا صورت بتلفون آيفون كما الكاميرا، ولم أواجه أية مشاكل، وكان لزاما أن أراعي حضوري خلف التلفون ليعطيني أفضل ما عنده .. كما أنني لا أضع أسماء بأي فيلم من أفلامي الـ 12، سواء كان فيلما روائيا أو وثائقي . أعتبر الشخصيات عناصر تخبرنا بالقصة، وغياب الأسماء يجعل الناس تركز في القصة، أحب أن أعامل الفيلم على أنه عرض مسرحي .
متى قررت فرح أن تبدأ التصوير ومتى قررت أن تنهيه، والأحداث مازالت مستمرة؟ تقول فرح: أنا لا أقدر أن لا أوقف الكاميرا إلى النهاية، هذا الفيلم يمكن أن يبقى يدور إلى الأبد، ولكنني، بعد استشهاد عصام، كنت قبلها قد بدأت فيلما ثانيا، هو أول فيلم روائي مائة في المائة، يحكي عن قصة حب بين فلسطيني ولبنانية، وحجزنا موعد التصوير، في 5 أكتوبر، على الحدود اللبنانية الفلسطينية، ولكن، يوم السفر وكان 7 أكتوبر، بدأت عمليات القصف بالناقورة، فأوقفنا التصوير، واتجهت إلى عملي الصحفي، إلى غاية الشهر الأول من هذا العام، وقد احسست بالاختناق القاسي، فكانت الكاميرا اشتغلت في 14 فبراير وانتهيت في 20 فبراير، وعدت إلى باريس و13 مارس، وأكملت الفيلم.
من هي فرح هاشم؟
فرح الهاشم مخرجة وصحفية كويتية لبنانية، تميزت بأفلامها الجريئة والمبتكرة التي تعالج قضايا الهوية، الحب، والحرب. وفرح الهاشم صحفية سياسية أيضًا وناشطة في مجال حقوق الإنسان، تدافع بشدة عن حقوق الفلسطينيين.
حصلت فرح على درجة الماجستير في الفنون السينمائية من أكاديمية نيويورك للأفلام، وماجستير من جامعة السوربون في دراسات السينما.
بدأت فرح هاشم مسيرتها السينمائية بفيلمها الروائي الطويل الأول ”ترويقة في بيروت”، عام 2015، الذي رشح لجائزة فيلم العام في مهرجان الفيلم اللبناني في سيدني أستراليا، وعرض في البندقية، خلال فعاليات مهرجان البندقية. عرضت أفلامها في 40 مدينة حول العالم، وترجمت إلى الفرنسية والإيطالية. لدى فرح الهاشم 12 فيلما روائيا وثائقيا قصيرا وطويلا.
أنا أؤمن أن فسطين تحررت، ونحن نعيش صفحاتها الأخيرة، المقاومة شغالة.. نحن ننام ونأكل ونحضر مهرجانات وهناك مقاومة على الحدود تقاتل، بعيدا عن عملي بالسينما أنا خبيرة بالشؤون الإسرائيلية، وأنجزت حولها دكتوراه، إسرائيل لن تتحمل سنوات من المعركة. تنهار.