عدة أفلام تنتقد الحرب وتداعياتها.. رسالة سلم من وهران

عمار بورويس
تسير الكاميرا أحيانا على آثار الحروب، تضمد الجراح، وتربت على كتف اليتيم والأرملة، وتنفض الغبار على شواهد القبور المبعثرة، وتطرح الاسئلة أيضا.. لماذا، وكيف ؟ ولمصلحة من كل هذا الدمار ؟
مخرجون سينمائيون جزائريون وعرب، جاؤوا إلى وهران، محملين بأفلام تقتفي آثار العنف والاقتتال، وقدموا افلاما جديرة بالمشاهدة والاعجاب، تتناول مخلفات الاقتتال، وتدعو إلى ترميم الجراح وصناعة الأمل من جديد .
خلال الدور 12 لمهرجان وهران الدولي للسينما العربية، العائد بعد غياب، تمكن رواد قاعة السينماتيك، من الاطلاع على افلام روائية قصيرة، وأخرى وثائقية، تحاول بلمسات فنية جميلة وحزينة احيانا، أن تعيد بناء الحياة، برغم صعوبة المهمة .
الفيلم الوثائقي الطويل ( مطاردة الضوء المبهر) للثنائي ياسر قصاب وريما حامض من سوريا، يرصد في ستين دقيقة، معاناة اللجوء في صقيع السويد، ويبرز التمزق العائلي الذي عصف بسوريا بسبب الحرب. فيلم شاعري حزين صفق له الجمهور طويلا، أظهر آثار العنف المسلح على الفرد وعلى المجتمع، وطرح الكثير من الاسئلة بشأن المستقبل، وما إذا كان بالإمكان تضميد الجراح بنفس السرعة التي أكلت فيها الحرب الأخضر واليابس .
وحول سوريا ما بعد الحرب أيضا، قدم المخرج فراس محمد، فيلما روائيا قصيرا بعنوان ( خردة)، يبرز فيه معاناة السكان في قرية سورية بسبب الحرب . أما هبة خالد، وحول سوريا ما بعد الحرب أيضا، فتغوص في قساوة حياة المرأة في المجتمع بسبب الحرب أيضا، من خلال فيلمها الوثائقي( تحت سماء دمشق) .
ومن الجزائر، يحاول المخرج محمد والي بعث الحياة من جديد في قرية هجرها السكان خلال العشرية السوداء، من خلال فيلمه (طحطوح)، وهو أيضا اسم لشخصية حقيقية أخذت على عاتقها ترميم بيوت القرية، حتى يسهل على السكان العودة إليها. الفيلم قصة عشق حقيقي بين الإنسان والأرض، ودعوة إلى التمسك بالموروث الثقافي والحضاري الذي كاد الإرهاب أن يجهز عليه.
ومن اليمن، جاء المخرج عادل محمد الحميمي وهران بفيلمه (سطل) الذي يروي علاقة حب بين شيخ سبعيني ومدينة محطمة ومتهاوية بسبب الحرب اسمها صنعاء .
وضمن الأفلام الروائية الطويلة، آثار الفيلم العراقي (ميسي بغداد) الانتباه، بسبب محتواه الذي يتناول أيضا آثار الحرب على الأطفال، إذ تقضي قنبلة على حلم طفل صغير، كان يعتزم أن يصير لاعبا كبيرا مثل ليونيل ميسي.
وفي حين يغوص فيلم (رصيف بيروت) لفرح الهاشم من لبنان، في الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وغزة، فإن فيلم (لد) لرامي يونس يتوقف عند نتائج الاستيطان الصهيوني، وسياسة تهويد القرى الفلسطينية المحتلة.
وفي سياق نفسه يذهب المخرجان الليبيان فرج معيوف وعلي حامد إلى تشاد، لملاحقة طلبة مجندين ليبيين وجدوا أنفسهم في ساحات القتال، خلال ثمانينيات القرن الماضي، وقتل منهم الكثير .
وعلى مقربة من الحرب، لاحقت مجموعة أخرى من الأفلام الحاضرة في وهران قضية الهجرة غير الشرعية، كواحدة من آثار النزاعات، على نحو ما نجده في الفيلم التونسي (ليني افريكو) للمخرج مروان لبيب .
يضع السينمائيون أنفسهم، بهذا الشكل، في موضع الشاهد على آثار العنف المسلح، منبهين إلى الظواهر التي تنجر عن الحروب، وكأني بهم دعاة سلم، يحلمون بواقع خال من الحرب والعنف، مفتوح فقط على الحياة والحب والأمل. فما أحلاها من رسالة، يبعثها مهرجان وهران إلى العالم.