الناقد السينمائي ابراهيم العريس أمام طلبة كلية الفنون بجامعة وهران.. النقد هو ما يبقى في الذهن بعد أن ننسى ما شاهدناه
يقول فرونسوا تروفو: “من يحب الحياة يحب السينما، ومن يحب السينما يحب الحياة”. عبارة تحيلنا إلى مضمون ندوة الناقد السينمائي إبراهيم العريس أمام جمهور كلية الفنون بجامعة احمد بن بلة في إطار فعاليات مهرجان وهران للفيلم العربي في نسخته الثانية عشرة.
حكيم محمدي
ابراهيم العريس صحفي ومترجم وباحث وناقد سينمائي لبناني، ولد ببيروت عام 1946. عمل، في مطلع حياته المهنية، مساعد مخرج، وشارك مع السيناريست الراحل عبدالحي أديب في كتابة عدد من نصوصه السينمائية، كما عمل بمجال الصحافة، منذ عام 1970، في صحف الدستور والبلاغ والسفير والحياة.
يعتبرُ إبراهيم العويس السينما “كل شيء، والحديث عنها هو الحديث عن الحياة، إذ أن السينما تمنحنا الحياة التي لم نعشها، وتعلّمنا ما لم نتعلمه من حياتنا المحدودة بالزمان والمكان والرفقة.
فالسينما هي من خوّلت لنا معرفة علم الاجتماع في المجتمعات العربية المدنية نتيجة مشاهدتها وارتباطها بالسينما في العقود الماضية التي شهدت انتشارا واسعا وعلى وجه الخصوص الأفلام المصرية حيث اصبح التعبير عن الحب مستمدا من نجوم ونجمات السينما المصرية كسعاد حسني مثلا…”.
يجيب إبراهيم العويس عن تساؤل طرح عليه حول ماهية النقد السينمائي، مستعملا مقولة شهيرة لأينشتاين: “… النقد هو ما يبقى في الذهن بعد أن ننسى ما شاهدناه…”، فالناقد السينمائي هو ذلك المثقف المصاب بعدوى نقل ما يعرفه للآخرين، وهو الملم بكل الفنون والمعارف، إذ عليه أن يعرف المنهج والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم الصورة.. اللّقطة المكبرة هي التحليل النفسي الفرويدي لقدرتها على الغوص في الشخصية. كان بإمكان فرويد أن يضيف للسينما الكثير، وهو الذي كتب أشهر مؤلفاته في الفترة نفسها التي حمل فيها الأخوان “لومير” الكاميرا، لكنه رفضها ورفض عروض المنتجين لاستعمال أبحاثه في السينما.
ظهر تأثر إبراهيم العويس بالمدرسة الفرويدية جليا في حديثه، وهو يقر أنها تساعده في فهم الفيلم وتحليله، بالإضافة إلى وسائل ومعارف علمية أخرى. ولا ينسى العريس الإشارة إلى الناقد في “دفاتر السينما”، رائد الموجة الجديدة في الإخراج “جون لوك غودار”. وبصفة عامة السينما الفرنسية التي فتحت باب النقد على مصراعيه عن طريق التجديد الذي انتهجته ولعل من أهمها: سينما المؤلف حيث يشارك المخرج في كتابة فيلمه أو يكتبه فعلا، وهذا المنهج أسال حبر النقاد ولا زال.
فالنقد في جوهره ليس عيبا أو تكسيرا، بل تحليلا وإبداعا وتوضيحا واكتشاف عوالم جديدة، الناقد متفرج مختلف، متفرج بصير يكتشف جوانب الفيلم، ويتماهى معها، وكثير من المخرجين يدفعهم النقد السينمائي إلى التطور. يذكر إبراهيم العويس أمثلة كثيرة عن مخرجين عرب استعانوا بالناقد في مراحل مختلفة من صناعة فيلمهم. وقد قدّم نقدا صريحا حول السينما العربية التي رأى أنها تمتلك الموضوع، لكنها تفتقر للّغة السينمائية، فتضيع، وتسقط في الابتذال، وتبدو سينما مكررة لا تستهدف التجديد.
أما بالنسبة إلى النقد السينمائي عربيا فهو غير موجود في المشرق باستثناء بعض المخرجين القلائل الذين يكتبون عن الأفلام، على عكس شمال افريقيا التي شهدت حركة نقدية متميزة، لكنها في النهاية تصبح حركة تأريخية بسبب عدم وجود إنتاج سنيمائي في البلدان العربية.
تميزت ندوة الناقد اللبناني بالتنوع في المواضيع الهادفة المساعدة، وقد كانت درسا مهما في هذه المهنة، سرد فيها تجاربه مع السينما والنقد والأدب والاقتباس، ليفصح: أنه لم يعد ناقدا سينمائيا بل أصبح مؤرخا للسينما العربية بصفة خاصة.
النقد السينمائي عربيا غير موجود في المشرق، باستثناء بعض المخرجين القلائل الذين يكتبون عن الأفلام، على عكس شمال افريقيا التي شهدت حركة نقدية متميزة، لكنها في النهاية تصبح حركة تأريخية بسبب عدم وجود إنتاج سنيمائي في البلدان العربية.