#آخر الأخبار #أخبار المهرجان

الفيلم الإماراتي “فتى الجبل” للمخرجة زينب شاهين: رحلة اكتشاف الهوية والقبول

يروي فيلم “فتى الجبل” حكاية سهيل الاستثنائية، وهو فتى إماراتي يعاني من التوحد، حيث يتحدى المعايير المجتمعية، ويخوض رحلة تحولية مذهلة عبر جبال الفجيرة الساحرة. يعتبر الفيلم عملًا مؤثرًا يستعرض جوانب من الحياة اليومية في الإمارات، ويقدم رؤية فريدة حول كيفية مواجهة التحديات التي يواجهها الأفراد ذو والاحتياجات الخاصة في المجتمع.

خير الدين بوشيخي

رحلة سهيل: بحث عن القبول والانتماء

يسعى “سهيل” خلال تلك المغامرة البصرية المذهلة، برفقة صديقه الوفي بركة، وهو كلب سلوقي، إلى العثور على القبول والجو الأسري والوطن الذي ينتمي إليه حقًا. تعكس هذه الرحلة أهمية العلاقات الإنسانية والروابط العاطفية في حياة الفرد، حيث تُظهر كيف يمكن للصداقة والحب أن يكونا مصادر قوية للدعم والتشجيع في مواجهة التحديات. من خلال مغامراتهما، يكتشف سهيل أبعاد جديدة للهوية والانتماء، مما يسهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم.

الجبال كرمز للتحدي والتحول

تشكل جبال الفجيرة خلفية جميلة ومعقدة لتجربة سهيل، حيث تعكس الطبيعة الخلابة تحدياته الداخلية. تستخدم المخرجة زينب شاهين المناظر الطبيعية بشكل مبدع، لتجعل من الجبال رمزًا للرحلة الداخلية التي يخوضها الفتى. هذه الجبال ليست مجرد تضاريس جغرافية، بل تمثل أيضًا العقبات التي يجب تجاوزها لتحقيق التقدم والتحول.

تصوير صادق للقصص المحلية

يجسد فيلم “فتى الجبل” التزام زينب شاهين بتمكين الأصوات الإماراتية، من خلال التصوير الصادق للقصص المحلية. من خلال تقديم قصة سهيل، تنجح شاهين في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية المهمة، مثل التقبل وفهم الاختلافات.

براعة زينب شاهين في السرد

من خلال باقة متنوعة من الأفلام القصيرة، تظهر زينب شاهين براعتها في استخدام الأدوات المختلفة، واستكشاف عوامل السرد المتعددة. أسلوبها الفريد في السرد يجمع بين الجمال البصري والعمق العاطفي، مما يجعل تجربة المشاهدة فريدة وملهمة. كما تساهم الموسيقى التصويرية والتصوير السينمائي المبدع في نقل مشاعر الشخصيات بشكل مؤثر، مما يعزز من تجربة الفيلم ويترك أثرًا عميقًا في نفس المشاهدين.

ها هي ذي الفاصلة التي أتوقف فيها حينما يركز المخرج مع القصة، متغافلا عن ضرورة الإخراج الذي لم نر فيه رويته، بل شعرنا أنه كان يقص قصة الفيلم فقط كأنه يقرأ التقطيع التقني او يسرد لنا القصة من السيناريو مباشرة، وهذا ما وجدته ينقص من قيمة الفيلم

هذه النقطة جزء مهم من العمل السينمائي، حيث إن الإخراج الجيد يجب أن يتجاوز مجرد سرد القصة. عندما يركز المخرج فقط على الأحداث دون تقديم رؤية فنية واضحة، يفقد الفيلم جوهره. الإخراج هو وسيلة للتعبير عن المشاعر، والأفكار، والرموز، ويجب أن يعكس أسلوب المخرج وشخصيته الفنية.

في العديد من الأفلام، يمكن أن نجد أن الإخراج الضعيف يؤدي إلى عدم الارتباط العاطفي بين الجمهور والشخصيات، وهذا ما حدث تماما مع فيلم فتى الجبل الذي لم نر فيه شيئا من الإخراج سوى قصة عن رحلة سهيل في بحثه عن أهل والدته وعن العقبات التي لم يجدها في طريقه، وكأنه يتجول في مزرعة ابيه التي أفسدتها الكلاب، وأنه ليس في رحلة بالصحراء، بل نشعر أننا نقرأ عن فلسفة أفلاطون حيث كل شيء مثالي وكل من يلتقي بسهيل لطيف معه كأنه جده الذي عانقه في آخر المطاف وتعرف عليه من النظرة الأولى.

كان للمخرجة زينب أن تستفيد أكثر من قدرات سهيل في صنع عقبات وتحديات تتصادم مع تلك القدرات الاستثنائية كمعرفة تواجد الماء تحت الأرض أو استشعار العواصف أو حتى التحدث إلى الحيوان، لأني رأيت في هذا تصادما دينيا وثقافيا وتناقض مجتمعي في آن واحد.

مع وجود سيناريو قوي، تفتقر القصة إلى الحيوية فلم تقدم بطريقة تجعل المشاهد يشعر بالتوتر، أو الفرح، أو الحزن. عندما يُشعر المشاهد بأنه يراقب مجرد سرد للأحداث دون أي عمق بصري أو صوتي، فإنه يفقد الحافز للاستثمار العاطفي في الفيلم.

على سبيل المثال، يمكن أن يستخدم المخرج تقنيات مثل الإضاءة، وزوايا الكاميرا، والتكوين البصري لإضافة طبقات من المعنى. فإذا كانت القصة تتطلب توترًا أو قلقًا، يمكن استخدام إضاءة خافتة أو زوايا تصوير غير معتادة لتحقيق ذلك. وعندما يتجاهل المخرج هذه العناصر، يصبح الفيلم كأنه مجرد سرد، مما يقلل من قيمته الفنية ويجعل التجربة السينمائية أقل تأثيرًا.

بالتالي، يمكن القول إن الإخراج هو أكثر من مجرد تقديم القصة؛ إنه فن يتطلب الإبداع والتفكير النقدي. إذا كان المخرج يقص القصة كما لوكان يقرأ نصًا، فإننا نفقد الفرصة للتفاعل مع الفيلم بطرق أعمق، ويجب أن يتوازن السرد مع الرؤية الفنية لضمان تجربة سينمائية شاملة تُثري المشاهد وتترك أثرًا فيه.

الأمل والتقبل

فيلم “فتى الجبل” ليس مجرد قصة عن فتى يتحدى التوقعات، بل هو رحلة تعكس قوة الإرادة والبحث عن الهوية والقبول. من خلال تصويرها الواقعي والمبدع، تنجح زينب شاهين في خلق عمل سينمائي يحاكي قضايا حقيقية تشغل المجتمع، ويدعو الجميع إلى إعادة التفكير في معايير القبول والانتماء. بهذا، يصبح الفيلم جزءًا من الحركة السينمائية الإماراتية التي تهدف إلى تمكين القصص المحلية وإعطائها صوتًا.

الأحشاء

تظهر زينب شاهين براعتها في استخدام الأدوات المختلفة، واستكشاف عوامل السرد المتعددة. أسلوبها الفريد في السرد يجمع بين الجمال البصري والعمق العاطفي، مما يجعل تجربة المشاهدة فريدة وملهمة. كما تساهم الموسيقى التصويرية والتصوير السينمائي المبدع في نقل مشاعر الشخصيات بشكل مؤثر، مما يعزز من تجربة الفيلم ويترك أثرًا عميقًا في نفس المشاهدين.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *