#آخر الأخبار #أخبار المهرجان

إخفاء صدام حسين لهالكوت مصطفى ” صرنا و صدام صديقين!”

احميدة ع

أووف، مر علي وقت لم أهتز لفيلم وثائقي مثل وثائقي إخفاء صدام حسين للعراقي هالكوت مصطفى الذي عرض في فعاليات مهرجان وهران، مساء أمس، في قاعة سينيماتيك.

كيف رمت الأقدار السريالية بفلاح بسيط كان يعيش حياة آمنة في مزرعته، مع زوجه أولاده الثلاث، ليجد نفسه حاميا لرئيس العراق الرهيب صدام حسين المنحدر من حزب البعث كمناضل، والسياسي الذي تمكن أن يصبح لعقود رجل العراق القوي في ظروف تميزت بالصراعات  الدامية على الحكم والنزاعات التي ألهبت منطقة الشرق الأوسط، من الحرب العراقية الايرانية إلى غزو الكويت، إلى قصة الأسلحة المحظورة التي اختلقتها الولايات المتحدة للإطاحة به، واحتلال العراق، بعد أحداث سبتمبر وتداعياتها على أفغانستان والمنطقة العربية..

يأخذنا المخرج هالكوت إلى عالم مشحون بالقلق والمشاعر الجياشة المبطنة، عرف كيف يستخرجها من سردية الرجل الذي لجأ إليه الرئيس القوي بعد أن ضاع منه حكمه، وزال مجده، وبات طريد الجنود الأمريكيين. وضعنا هالكوت في قلب تراجيديا إغريقية، حاكم أضاع كل شيء، وأصبح وحيدا، دون الشعب الذي كان يقدسه، دون دعم قبلي، مجردا من القوة التي جعلت منه رئيسا مهابا، غالبا ما وصف بأعتى ديكتاتور، مجردا من الثروة والرجال، لا يملك سوى شرفه وحبه للعراق، وكبريائه الذي جعله يقاوم إلى آخر نفس في حياته، ويرفض بيع العراق والاستسلام.

يتحدث الفلاح الذي وقف إلى جنب الرئيس المخلوع بعمق فياض، وبساطة عن أكثر من 200 يوم قضاها صحبة صدام، وهو مثقل بالقلق والخوف والشجاعة والوفاء والقيم الشهمة التي جعلته لا يخضع للإغراءات المالية الخيالية التي وضعها الجيش الامريكي تمنا لكل من يدل عليه.

الفيلم اختفى منه كل ميل إلى السياسة المتبرجة، وفتح الباب على مصراعيه للحكاية الإنسانية، لبطل حقيقي لم يتخيل لحظة، وهو يعرض حياته وحياة عائلته للموت والخراب، إنه فعلا بطل، كانت شيمه وأخلاقه وإنسانيته هي من خلقت ذلك الانسان العظيم المختبئ بداخله، وهو الرجل الذي يعترف أنه لا يفهم في السياسة وقضايا الحكم.

خلال 80 دقيقة، رحل بنا المخرج إلى أعماق هذا الفلاح الشفافة، وهو يقدم لنا شهادة مبهرة ومؤثرة عن أيام صدام الطريد الأخيرة، عن صدام في حالاته الخفية، صدام الذي يبكي عندما يفقد ابنيه، صدام الذي يستحم ويقوم بغسل ظهر مضيفه الفلاح، صدام الذي لم يشك لحظة في إمكانية أن يخونه الفلاح، ودلهم عليه أحد أقرب الرجال إليهم، بعد أن انهار أمام التعذيب..

الفيلم يسير عكس التيار السائد، إذ يكشف عن إنسانية صدام، وهو على تلك الحال الفجائعية، حال الملك المشرد، المطارد ،الهائم على وجهه في البراري،،صدام الإنسان، الشجاع. هو ما يرويه لنا الفلاح البسيط الذي تعرض للتعذيب، لكنه صمد أكثر مما صمد رفيق صدام. فيلم مليء بمشاعر الحب والجنوح نحو ابتكار حقيقة خالية من شوائب السياسة والايديولوجيا، فيلم حميم، حنين ومؤلم، كشف لنا عن صداقة غير مسبوقة بين حاكم عتيد فقد عرشه وفلاح بدون عرش وعسكر ومال، ذرف دمعتين خفيتين في نهاية السردية، وهو يقول: “صرنا وصدام صديقين”.

إخفاء صدام حسين لهالكوت مصطفى ” صرنا و صدام صديقين!”

عودة إلى “من مسافة صفر” أفلام تحت

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *