أنيس جعاد يعود بفيلمه الخامس “أرض الانتقام”.. رحلة الضياع وترميم الذات
خليل الأوراسي
في إطار مسابقة الفيلم الطويل بمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، شهدت صالة المغرب، ليلة أول أمس الأحد، العرض الأول لفيلم “أرض الانتقام” للمخرج الجزائري أنيس جعاد.
الفيلم الذي أننتج ،في العام 2024، وهو خامس فيلم لأنيس جعاد، يحكي قصة جمال الذي تقمص دوره الممثل الجزائري سمير الحكيم، رجل أُطلق سراحه من السجن بعد أن قضى فيه خمس سنوات بتهمة الفساد. لكن حرية كمال لم تكن إلا بداية لمعاناة جديدة، إذ اكتشف أن زوجته باعت منزله وهربت رفقة طفله، مما دفعه للعودة إلى قريته مسقط رأسه في محاولة لترميم ذاته وإيجاد طريق جديد لاستئناف حياته.
يشارك في بطولة الفيلم نخبة من الممثلين الجزائريين، بينهم محمد موفق، ومحمد تكيرات، وزهرة فيضي، وحميد كريم، ومريم مجكان. وعلى الرغم من جودة الأداء التمثيلي وعمق الشخصيات الثانوية، إلا أن الفيلم أثار الكثير من التساؤلات لدى الجمهور والنقاد على حد سواء.
يُعد “أرض الانتقام” من الأعمال السينمائية إلى تغوص في تعقيدات النفس البشرية، يعكس حالة البطل كمال الذي خرج من السجن ليواجه قسوة الواقع التي تفوق قسوة السجن ذاته. مع ذلك، لم تكن قصة الفيلم واضحة بما يكفي لترك انطباع شامل لدى المشاهدين. فبينما يستكشف جمال عالمه الجديد، ويبحث عن إعادة بناء حياته، يجد نفسه عالقاً في حلقة من الغموض. لم يطرأ تطور كبير على شخصية جمال، فقد بقيت طبيعته ثابتة، من بداية الفيلم حتى نهايته، مما جعل العديد من المشاهدين يتساءلون عن الهدف الأساسي من القصة.
هذه الأسئلة رد عليها المخرج أنيس جعاد أن ، أثناء النقاش الذي تبع العرض، بالقول إن “غموض النهاية كان مقصوداً”، موضحا أن “هدفه لم يكن تقديم نهاية سعيدة لشخصية جمال، بل ترك الجمهور مع تساؤلاتهم الخاصة حول مستقبل الشخصية”.
إجابة المخرج جعاد لم تقنع البعض، فهذه النهاية المفتوحة سبباً رئيسياً للجدل، ورأوا أن الفيلم “كان يفتقد بنية سردية واضحة”، ما جعله “غير موفق في تحقيق لتوازن بين بناء الشخصيات وتطور الأحداث، وبقيت دوافع جمال مبهمة، وكذلك الأسباب التي كانت تدفعه لاتخاذ قراراته”، وهو ما جعل القصة تبدو غير مكتملة في عيون العديد من الحاضرين.
بالنسبة إلى بطل الفيلم الممثل سمير الحكيم، يشكل فيلم “أرض الانتقام” منعطفا جديدا في مساره السينمائي فهو أول عمل بطولي له في السينما، وثالث تجربة له مع المخرج أنيس جعاد، ما يؤشر إلى تواطؤ فني جميل بين الاثنين.
ويؤكد سمير الحكيم، في تصريح لـ “سنيمانا” أنه “استمتع حقًا بتقمص شخصية “جمال”، مؤكدا أن “السجن تجربة صعبة، ولا يمكن للشخص أن يخرج منه كما دخل.
ويؤكد سمير الحكيم إعجابه الكبير بعالم أنيس جعاد السينمائي، كونه “يعكس الواقع بعمق كبير، والشخصيات في أفلامه غامضة، وكل شيء يتضح من خلال الصمت والمواقف التي تبرز الحالة النفسية للشخصيات. وهذا بالضبط ما يحب في السينما، موضحا أنه يبتغي في الأداء “الوصول إلى توازن عاطفي دقيق دون مبالغة”.
بالمجمل، تعد “أرض الانتقام” تعد تجربة سينمائية جريئة تتناول موضوعات عن العودة إلى الذات والصراع مع الماضي، لكن الفيلم يترك المشاهد في حالة من الحيرة دون توفير إجابات شافية. ربما يكون هذا ما أراده المخرج جعاد، أن يترك الجمهور في حالة تساؤل مستمر حول مصير البطل ومعنى الحياة بعد فقدها. ولكن، ورغم هذا النهج الفني، يظل التساؤل الرئيسي مطروحًا: هل كان الفيلم يحتاج إلى بنية أوضح ليتحقق التواصل الكامل مع المشاهد؟
“أرض الانتقام” هو بلا شك عمل يستحق المشاهدة، ولكن مع التحذير بأن الغموض قد يترك المشاهد أمام العديد من الأسئلة غير المجاب عليها.